dimanche, juin 07, 2015

غراب النحس



القصبة 2 كانت تحالفا بين أقصى اليمين واليسار الراديكالي و الثورجيين بمختلف انواعهم من أجل إضعاف الحكم وتفكيكه. كنت شخصيا ضد هذا التمشي لما يحذوه من مخاطر على مكتسبات التونسيون وخاصة التونسيات. مع هذا، يبقى هذا المسار على هامش المقبول في تلك الظروف الثورية لكوننا كنا نعيش في ضل نظام وليس في ضل دولة. والنظام لا يزول بزوال من كان بمحوره خاصة إذا جاء للحكم من لا يؤمن بالدولة ويريد للنظام أن يتجدد و أن يتمحور من حوله. إنخرط التونسيون في هذا المسار و قدموا تضحيات جسام لتجاوز المرحلة والمضي قدماً نحو تحقيق أهداف شعب كامل ونجح في ذلك. فلولا تجند المواطنون والأحزاب والمجتمع المدني، لتحولت الاغتيالات إلى مشانق والتهديدات للحقوق والحريات إلى نصوص قانونية والديمقراطية الناشئة الى دكتاتورية ثيوقراطية.

نفس هذا التحالف يعود لنا اليوم كغراب النحس و تقريبا بنفس الأساليب وبنفس الأهداف ولكن في ضرف مختلف تماما و دوافع مختلفة تماما. فالتونسييون يؤسسون لدولة في ضل تهديدات أمنية كبرى وفي وضع إقتصادي صعب وإجتماعي هش.أما دوافعهم فهي لا تتعدى مصالح أشخاصهم أو إيديولوجياتهم و يضربون من أجلها عرض الحائط بتضحيات وصبر شعب كامل على مدى أربعة سنوات صعبة علينا جميعا. إن إجهاض هذا المسار و في هذه الظروف هو جرم في حق شعبنا و سيدخلنا فتنة كبرى قد تفضي حتى لإختفاء تونس النهائي من الخارطة بعد 3000 سنة من الوجود. فكم من الأمم والإمبراطوريات اختفت بسبب جشع البعض وبأنعدام البصيرة لدى البعض الآخر. 

اليوم يقف التونسيون على مرمى حجر من تحقيق اهدافهم بالعيش الكريم في دولة تحكم بالعدل ووفق ارادته. و ما رأيناه من شعبنا في السنوات القليلة الماضية يثبت أننا قادرون على إحباط مكائد الكائدين والتوحد ضد المتآمرين والعمل والمثابرة من أجل الخروج من هذه المرحلة الدقيقة مظفرين وغانمين لدولتنا ولحريتنا ولكرامتنا.

في كل مسار، الخطوات الأخيرة هي الأصعب و الخلاص رهن ارادتنا.